الاثنين، 8 أبريل 2024

واحد وعشرون نصًا في خيطٍ طويل إلى حد الملل

 

 



 


 

محتويات

«يوميات»: أكتوبر 2023 - أبريل 2024 (تقريبًا)

«لا أقوى من لا أقوى»: مارس 2022

 

 

 

 

 

 

 

 

يوميات

 

1

هذا احتجاجي على أن الأوان سُدىً..

هذا عقابي لأني حين صبَّني الله في الهيئة

ثم قال: اذهب طليقًا إن قدرتَ.. ولن؛

كنت أقول نفاقًا إني قبِلتُ المسافات

قبل خلق المسافةْ..

وإني رضيت بقَيْضِ الحياةِ عَمَىً.

 

  

 

2

أنت تعلم يا رب

أنني لست شاعرًا ولست موسيقيًا ولا كاتبًا

ولست زوجًا جيدًا ولا أبًا حنونًا

ولست إنسانًا تنزّ منه الحياة 

ولا حيوانًا ولا جمادًا 

ولا سعلةً لملاك غافل 

ولا فسوة شيطان مريد..

لست إلا لطخة مؤقتة على صفحة اليوم 

تعتريها انقباضات السير وتعميها الظنون عن لذة الإدراك..

إنني يا رب منهك من غضبي ومن لا مبالاتي معًا

متعب يا رب منك وأشعر بالنقص والضجر

أشعر بالقيد ولا أراه

وأشعر بفوت الفوات وبالدهشة وغثيان الرحلة التي لم تحدث

أريد مكانًا واضحًا يا رب أموت فيه

أريد طيّة تخصني يا رب فأحيا علانية

أريد معنى وظلًا وأرضًا أصلي إليها إن غفوتُ على تراب القيامة

وأنت تعلم يا رب كيف أني طيب أحيانًا وقليل التكلفة

تعلم كيف أني زاهد في الشيء 

وزاهد في الذات وفي المحبة واللهِ 

وزاهد فيَّ وفيك

فأعنّي يا إلهي على السفر

وجازني يا رب حتى ترضى.

 

  

 

 3

 أنا لست سعيدًا

لكن لا يمكنني الشكوى

فداخلي مظلم وخانق ومختنق بالشر والرغبة في فناء العوالم

لكني أداهن

أجعل وجهي هادئًا فيُظَن أني طيب

وأنتحلُ اكتراثًا عند اللزوم.

حياتي هكذا: خوف خسران ما لم أمتلك

وطمعٌ في مكافأة لا يستحقها أحد.

ومع ذلك 

يخبرني شيء بأنني في طريقي إلى النعيم

لأني الآن في أعراف نفسي

وتكفيني دفعة هينة.

 



4

لم تعد لدي أسرار في هذ العمر ولا أشياء تدارى ولا احتشام بليد 

فهلا استعدت الآن ذلك الوقت المضاع في المراوغة والتناسب وادعاء الاستقامة؟

لم أكن صادقًا حقًا في التزامي الصراط إلا كسلًا ربما أو ضجرًا من المغامرة

ولا قنوعًا إلا تفضيلًا لأولى الراحتين على خلاء الفُرص

واليوم لا فرق بين صورتي وظني إلا في الشيب والنظرة

لكن حياتي مسيخةٌ كما توقعتها في القرن الماضي

فيا ليتني أضفت إلى صوتي بعض الوقاحة والعيب وطيش الشباب

فقليل من السفاهة لم يكن ليضر أكثر مما فعل الهزيع بالجسد

وبعض الهراء كان ليصنع ابتسامات في ذكرياتي الآن.

 

  

 

5

عزيزي كارل،

هذا هو العالم اليوم:

يريد الناس أن يصيروا عبيدًا

هل تصدق!

لدينا كتب لتعرف كيف تربح المنافسة

من أجل أن تحظى بسيد رؤوف

لدينا معاهد للتنمية البشرية

لئلا تكتم الحرية الشريرة أنفاسك.

عزيزي كارل،

الآن..

في عالم مزدحم بالوحدة

يخاف الجميع أن يخسروا قيودهم

بينما الرأسمالية في مأزقها

تبدو مثل جنة بعيدة.

 

  

 

6

جاوزت عمري الافتراضي اليوم

فانتهى قلقي من عدم تركي أثرًا

إذ لا وقت باقٍ لفعلها

لكنّ رغبة ملتصقة بحراشف التوق تخزني لأحاول

فربما إن ألقيت زهرة في الهوة الآن 

قد أسمع في الستين صوت الارتطام وأبتسم

إنها الرغبات قد تخدع قلبي وقد لا..

فكل شيء في غد والآن.. هو في غد والآن.

 

 

  

7

يحب العالم هذا: 

الداعشي في بذلة أرماني يسكن أعراف الإنسان

يخاف أن يؤمن فيصبح صيدًا لأجهزة الأمن

يخاف أن يكفر فتعرض عنه الجنة 

يخاف أن يتكلم لئلا يحل دمه

يخاف أن يصمت فينهبه اللصوص

الداعشي في بذلة أرماني 

مثل الإنسان نفسه في وجه من الوجوه:

لا يمكنه أن يكون داعشيًا

ولا إنسانًا في بذلة أرماني فقط.

 

 

 

 8

 في هذه البارحة

عضني الشوق إلى خيباتي كلها

إلى فشلي الذي لا يُحد حده

والطعم الحارق للاعتقاد الميت والإيمان المطعون..

لطالما غنيت في نشاز خاص جدًا وليتني لم أفعل

ليتني تعريت قليلًا قليلًا من تبعات الطرق

حتى البقاء فقط «على قيد الحياة» كما يقال

فلا يسلمني خطأ إلى خطأ 

ولا يغدر بي الركض خلف العيش.

 

 


9

 هلّا رميت طوبة الوطن الحبيب؟

هلّا يئست من نعمائه 

واكتفيت بتذكر الطرق التي أهملتها

الطرق التي يذهب خيطها في البحر ثم الثلج

 ومرات إلى قارعة الخليج وما خلف كل ذلك؟

يا لها من فرصة مهدرة

تلك التي لم تبد مثل فرصة في وقتها

يا لك من إنسان صغير لم تسمع النُّذُرَ ولم تر الموجة

قف الآن أو لا تقف

لا فرق يحدثه الصياح.

  


 

10

 سئمت الأبطال الساذجين الذين تصعب هزيمتهم

من يتمرغون في عناية الله العجيبة

وينجون من كل الفخاخ

ليغذوا خطوط إنتاج السينما يوميًا

من يرون كل شيء أبيض وأسود

قوود قايز وباد قايز 

فينصاع لهم العالم 

خاضعًا للعضلات والأنوثة النحيفة

سئمتهم يا رب

لكن ليس لي غير السباب

فأنا مهزوم على مقعدٍ أمام شاشة.

 



11

 لست أحب الملحقات

لست أحب الهوامش

لست أحب المعارض المصاحبة

لست أحب البرامج التي «ضمن» و«في إطار»

وبغير شك: لست أحب النبات الطفيلي ولا المتسلقات

ولست أحب عروض التسوق واليانصيب والجوائز.

إذن: لست أحب القرعة الذهبية

ولست أحب القرعة الفضية 

ولا القرعة من أي معدن

فكلها مقايضات لئيمة مثل الحياة تمامًا

لكنني ويا للعجب 

أظل أحب الحياة.

 

 

 

12

 يا حيرتي.. أين أذهب؟

ماذا فعل بي الأنتلجنسيا الأشرار؟

لقد طردوا بلادي مني.. أولاد اللذينا، وطاردوها حتى حدود فخري بأني منها

أغلقوا دوني الإياب وقعدوا لي كل مرصد

فكيف سبيلي إلى ما تركتُ.. وكيف نجاتي من المفترق؟

 

 

 

 13

 هناك سوء منقلب 

مناظر كئيبة ووعثاء في المعنى

تخزني أنا المتعايش مع النسق.

لا نجاة من بصمتي الرقمية المنذورة للزمن

تراني أعين النظام التي لا تنام 

فأدعي أنني هادئ

أحاول أن أتمّ عمري كما يشتهي «قوقل»

ولا أسأل قط: ما ديانة الأثرياء؟

  

 

 

 14

 هم عاهرون فطلّع دينهم يا رب

واغمسهم في جحيم أشد استعارًا من بلادي

أراهم يروني فيدهمني تعب وذهول

من حياة تسيل دون لذة

فأرهم يا إلهي بالنيابة عني

أننا محض غبار منسي على زجاجك الخلفي

محض رذاذ من سعال المطلق في فراغه اليومي

أخبرهم يا إلهي بأنا نجفّ مثل كل بصقة

على تراب الكون

فلا داعي للؤم والظن والإثم والشكشكة

فكلنا إلى عدم من عدم عبر عدم صفيق.

  

 

 

 15

 لا أريد إرضاء أحد منهم

ساكت لأنني لابد خائف 

من خفير بسوط وسيف يحرس كل يوم لساني

وإني أخاف الألم والتهديد والرقابة.

لست أحب منهم أحدًا

ولن يفهموا أني لا أكرههم أيضًا

لذا أحذر أن أبدي العاطفة

فربما أفلتت مني نأمة تدل عليَّ الرقيب العتيد القوي

وإني أحرص من إهدار باقي حياتي في صراع كهذا

وإني أبخل بالوقت حتى عليَّ

وإني صغير بشدة

وهم لا يرحمون.



 

16

 أنا من هَبوبٍ يعلمها الله وحده

ومن جنوبٍ متسخ بالحياة 

وغارقٍ في نهر الجهات كلها

لذا نعرفُ كيف سَيري ألجَنٌ

حدَّ أن ينصرف الممنوع

وكيف روحي شاذةٌ عن النظام

لكنها لا تشرئب

خوفًا من مقص الرقيب المساوي/ السماوي

أعني: عدو ماركس.

  

 

 

17

 أبدو طيبًا وهادئًا

حتى إنني أهش عني ذباب نيتشه

لكني فاسد في طويتي 

وضعيف وبلا مخالب أيضًا

أخاف أن أغضب أحدًا 

فيُري هشاشتي تحت يديه

لذا تعلمت الدماثة وأن أصير عاديًا

لأنني أخاف أن يخيفني أحد على الملأ

فأنظر نفسي صغيرًا..

هكذا قبعت حيث وجدني الشيطان.

  

 


18

 خلاصة الحواري

والأولاد الذين اخترعوا البوليتكال كوريكتنس

يستمنون يا رب فوق أفكاري تباعًا 

فهم يعرفون متى تسري القواعد

ويقررون على من تسري القواعد

لقد صنعوا سوطهم/صوتهم

وانهالوا على ظلال الصراع الطبقي

فتبعتهم مرغماً يا رب

لأنهم أساتذة الخديعة.

  

 

 

 19

أنا إنسان المدينة المتعفن ذو الملابس الضيقة 

المدلل بالماء في الصنابير والكهرباء تحت زر الإنارة..

أنا إنسان المدينة العبد الراضي الذاهب كل صباح إلى حقل الخرسانة البهيج، 

إلى صناديق القمامة التي تعلوها أجهزة إنذار الحريق 

وفتحات التهوية المضبوطة عند الرقم 18..

أنا إنسان المدينة الذي يسبح في ظرف غامض، 

ويلعق نعل الحياة شاكراً حامداً مرةً أو مرتين في اليوم..

فكما ترى.. يزداد العالم ازدحاماً.. والفرصة خلفها ألف منتظر..

هكذا ينجو إنسان المدينة من هشاشته: أن يصير جرو السيد.

  

 

 

20

 أسير أسيراً في عالمٍ حشّرت له التكنولوجيا 

وغسلته البغضاء من طفولته الميكانيكية 

أستنشق الوقت الذي غيرت لونه غابة المحركات الثقيلة 

في رحلة السعي إلى ديستوبيا الختام 

ترافق ظلي الصور التي طعنت خصوبتها حضارة البلاستيك المسرطن

وختنتها الأفلام ثلاثية الأبعاد..

لكنني ومع ذلك كله أسأل مرة بعد مرة: 

هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن؟

 

 

 

 

  

لا أقوى من لا أقوى 

 

أنا مرعوبٌ من انتحالي

ومن «كارما» خداع الموت

فمنذ عشرين سنةً أدَّعي ما لستُ عليهِ

رغبةً في نجاح الخطة

أو على الأقلِّ نسيانِ من أكون حقًا

لذا يا اعترافاتي الفاحشة

كوني دقيقةً في وصف حالي

فما زلتُ عبدَ المخاتَلة.

 

 

 

 إنني ساذج يا إلهي

ولطالما كنتُ كذلك

لكنني سيّدٌ في إخفاء نفسي خلف السحابة القلقة للجهل

وبارعٌ في تنظيف ذاتي من الأنَّات

فهل تَراني طيِّبًا متثاقلًا للمحبة

هيِّنًا مراوغًا حَذَر الرغبة

لطيفًا في الإسماع

خائنًا في الدخيلة؟

هل تَراني يا إلهي في إغماضتي عنك

وهلَّا تراني في اجترائي على الإيمان؟

 



لي صورتان تكثران حين المَلمَّة:

العاقل المتأفف من رغبته

والأمين خارج التجربة

بينهما أحشو كذبي فلا أراه..

أُسِرُّ: لي صولجان الظلام الذي في المحبس

في الانتظار 

وفي الكهولة..

ولي القيد المعلّى في الذَّرَابة

أمضي فلا أُستبانُ وأحيا في ضلالة.

 

 

أخاف الزحام لأن أحلامي خبيثة

ولأن قوَّتي في وَحدتي كذلك

ومتعتي في الخِفْيَات

لكن مع كل هذا

يُحسن الظن بي أشباهي

ولا أردّ دَينهم حين الفضيحة.

 

 

 ….

أنا سجينٌ أطلي زنزانتي بخراء ظنّي

وأنصاع لنظامٍ من التفادي والإكراهات

ولأصدقاء متخيلين يعلمون الغيب 

ويجبرونني على الجَلَد وأشياء مضرّةٍ بالحياة

وعلى احتقار التَّوْق 

وفعل المبالاة أحيانًا..

لكن الغريب في هذا 

أن يحتملني حيِّزي من دون امتعاضة.

 



لم أنضج قَط

أعرفُ كابوس كل ليلة: 

أن تُرى تأتآتي خلف وهم الرصانة

أن أُرِي..

وأنا لست مهذبًا في الحقيقة

ولا قانعًا أو صلبًا في الأمور

لكن توفيقي بالله

فلا يدركني شنآن الناظر.

 


 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق