السبت، 16 أكتوبر 2021

المستذئبون والسفن الفضائية ومخلوقات أخرى


 

أ. السحَّار

حكى "بلل الشيب" الراعي ذو العشرين سنة، القادم من نواحي ود حسونة والمسمى على خليفة ود حسونة، أنه أطلق النار على سحَّار بسلاح بدائي يصنعه الحدادون في فيافي البطانة، يستطيع حمل رصاصة كلاشنكوف واحدة في كل مرة. 

يقول "بلل الشيب" وهو يرتجف، إنه كان سارحاً بالضأن في الخلاء نفسه الذي ظل يسرح فيه منذ بلغ السابعة، لكنه في تلك الليلة أحس بما أحست به بهائمه، بخطر أكبر من البعاشيم1 والقطط البرية. رأى دهمةً فظنها مرفعيناً، صوّب سلاحه ثم أطلقه، فهدأت البهائم.

 في الصباح رأى ما جعل الكوابيس تطارده صاحياً ونائماً. وضعه أهله في عهدة فكي2 سيذهب عنه نوبة هلعه التي استمرت سنةً أو تزيد، عاد بعدها للعمل راعياً، ولكنه يعمل فقط داخل البلدات ويسرح حولها.

ثلاثون عاماً مرت منذ حكى لنا "بلل الشيب" حكايته تلك ذات أصيل، ونحن المكذبين للخوارق نتابع تغيرات وجهه وانسحاب ملامحه والذعر الذي يكتم أنفاسه. بعدها بيومين، أخبرنا الكبار أن نترك الراعي الفتي وشأنه، فإن عاودته الكوابيس سيذهب عنا، وإننا ذكرناه بإلحاحنا ما أنفق سنوات لينساه.

 

2

في منتصف الثمانينيات، حكت جدتي في ونسة نساء أثناء طقس قهوة كنت حاضراً فيه، لظنهن أنني أصغر من أن أفهم؛ أن ابنة جارتها تمرعفت3، بعد أن تزوّجت رجلاً من قبيل يسكن حدود السودان وأفريقيا الوسطى. قالت النساء إنه صنع لها عملاً لتتزوجه وهي من هي حفيدة شيخ الهوي4، وهو من هو. 

عندما عثروا على البنت بعد مغامرات وأهوال في عوالم السحر الغربي؛ وجدوها ترعى غنم زوجها وهي مطوّقة بمئات الحِجْبَات5، نزعوها عنها، وقصوا أظافرها – تماماً مثلما في الأحاجي6 - فعاد إليها وعيها وعادت ذاكرتها وبدت كمن استيقظ من نوم طويل.

المتبوع

11 الدافع الحارق الذي حمل «عامر العربي» على حزم حقيبته متعجلًا ذات أصيل في سنتنا الجامعية الثالثة، ليقرر العودة فجأة إلى قريته، كان هو نفسه ...