الاثنين، 10 نوفمبر 2014

زوايا مختلفة لنظرةٍ واحدة.. عن أسئلة التعليم القديمة الحديثة




قبل خمسة وعشرين عاماً، وقفتُ أمام معلِّم الرياضيات، أتلقى توبيخاً مشوباً بالازدراء والتهكُّم. كان السبب أنني استفسرت عن ماهية النسبة الرياضية (باي π)، ومن أين أتت. كنت أنظر إلى وجه المعلِّم الذي كان يحسّ بالإهانة، وقد اعترته مسحة غضب يحاول مداراتها، وهو يحاول جعلي أحس بالغباء وبالذنب لأن لا أحد من زملائي الذين يتطلعون إليّ بنظرات مشفقة؛ قد سأل مثل هذا السؤال، ما يجعل سؤالي "غير مفيد" على حد تعبيره، فالمطلوب مني فقط "حفظ" أن قيمة باي تساوي (3.14). كان واضحاً أمامي ببساطة أن المعلم لم يكن يعرف من أين أتت هذه الـ (3.14) التي يطالبنا باستخدامها عند حساب مساحة الدائرة.
أعرف الآن أن في ذلك اليوم تآكلت ثقتي في المعلمين والمعلومات التي تصدر منهم، وهو تأثير بلغ ذروته بعد سنتين من تلك الحادثة، عندما تركتُ المدرسة لأنها فقط أصبحت لا تروق لي. بالطبع أُجبرت على العودة إلى الدراسة بعدها، لكن لم أعد آخذ العملية التعليمية مأخذ الجد مثلما كنت أفعل. ولأن أبي، والمعلمين، وزملائي، كانوا يراقبون بكثير من خيبة الأمل انحدار مستواي الدراسي عاماً بعد عام، من المراكز الأولى التي كنت أحتلها، حتى صرت ضمن زمرة الوسط، لذا عندما امتلكت أخيراً القدرة على الإفلات من نظام التعليم هذا، لأترك الدراسة في الجامعة قبل أشهر معدودات على نهاية السنة الأخيرة؛ لم تبد عليهم الدهشة أو يحيطوني بالإشفاق مثلما كان ردّ فعلهم على محاولتي ترك المدرسة في المرة السابقة، بل بدا الأمر طبيعياً، فما عاد أيٌّ منهم ينتظر مني شيئاً على ما يبدو.
 حسناً، كان هذا منذ سنوات بعيدة، ومن الواضح أنني لا زلت حياً حتى الآن، على عكس سيئ الحظ (هانز جيبنرات) بطل رواية (تحت العجلة) لـ(هرمان هسه). لكنني ظللت أرى بوضوح العثرات التي تضعها في طريقي تلك السلطات التي – كما يقول هسه- هزمت بطله (هانز جيبنرات) وكادت تهزمه هو شخصياً، أعني تلك العراقيل التي تبدو كعقابٍ على محاولة رفض تلك السلطات والإفلات من سيطرتها، وربما هذا العقاب أحد الأشياء التي تخيف الكثير ممن يرغبون في الهرب –مثلي- من السير في  ذلك الطريق الرتيب الذي ترسمه يد تلك السلطات، التي يحددها (هرمان هسه) بأنها: "المدرسة، الدين، التقاليد والسلطة"، في مقابل المكافآت التي ينالها المثابرون على السير في الطريق المرسوم لهم سلفاً.
ويقدم لنا (هرمان هسه)، عبر تتبّع سيرة الحياة القصيرة والمأساوية للفتى (هانز جيبنرات)، في بلدته، وأثناء رحلته إلى عاصمة المقاطعة للجلوس للامتحان المؤهل للدراسة في دير (ماولبرون) الذي يمثّل ليس أمل (هانز) وحسب، بل أمل كل النسيج الاجتماعي للبلدة، ثم بالغوص في ما خلَّفته التأثيرات العميقة لوجوده في الدير، ودراسته، ومقابلته للفتى (هرمان هايلنر)؛ نقيضه الملول الناقد الحرّ، الذي أثَّر عليه حدّ أن جعله يفكر في مقاومة سلطة الدير بعدة طرق، إلى أن تركه بلا عودة، ووصولاً إلى الميتة الفاجعة لـ(هانز)؛ يقدم (هسه) عبر كل ذلك سرداً نموذجياً يكشف ويعرِّي الكثير من نقاط ضعف العملية التعليمية وتأثيراتها الكارثية على نفوس الكثير من الطلاب. وبرغم أن أكثر من قرن مرّ على الأحداث التي يرويها (هسه)، لكن من الواضح أن التحديات ذاتها لا تزال مثار نقاش ونظر، كما سنرى.

*مقاومة دائمة
لا تخلو مدرسة من بعض الخارجين المتمردين على نظام التعليم، الرافضين لتنميطهم، والمحاربين من أجل ما يحبّونه أو ما يؤمنون بأنه يمثّل جوهر الإنسان فيهم. لذا تتعدد التجارب التي تشبه تجربتي، أو حتى تجربتَيْ (هانز جيبنرات) و(هرمان هايلنر) اللتين اطَّلعنا عليهما في متن رواية (تحت العجلة). فهذا النوع من التجارب لا يُحدّ بجغرافيا دون بقية بقاع العالم، أو بزمن دون بقية الأزمان. فمثلما هناك مشتركات بين أبناء البلدات الصغيرة لا تتأثر بالمكان ولا بالزمن، يلاحظها من يقرأ منهم رواية (هسه) (تحت العجلة)، وهو يتتبع فيها ربما تفاصيل طفولته بحذافيرها؛ هناك أيضاً مشتركات تتعلق بنظم التعليم، التي مهما تطورت تظل في جوهرها تهدف إلى جعل متلقي التعليم هذا، متّسقاً مع الخط العام للمجتمع، وهو أمر من الطريف أن الجميع يتفق عليه، حتى ناقدي نظام التعليم التقليدي، كما سنرى.
التعليم أمر خطير بالطبع، وهذا شيء نقرأه من الصراع بين من يرون أن العملية التعليمية هي "عملية تشكيل" لنظام القِيَم لدى التلميذ بما يتوافق والنظرة السائدة لما هو صائب وما هو خاطئ، ومن يرون أن تكون العملية التعليمية "عملية تنمية" لما هو إنساني مشترك من القيم، وتنمية للإدراك والوعي بالكينونة في جدلها مع المحيط، لذا يحاول كل طرف السيطرة على التعليم لغرس رؤاه في تربة المجتمع، لكننا أيضاً ننتبه إلى أن الطرفين في نهاية المطاف يجعلان من التلميذ موضوعاً للعملية التعليمية وليس مركزها.
في رواية (تحت العجلة) يرينا (هرمان هسه) بسخريته القاتمة أن نمط التعليم التقليدي، الذي يمثل الرأي الأول، غرضه هو: "أن يكبح في نفوس الفتيان الشباب الاندفاع الفظ ويقتلع الشهوات الفطرية ويزرع بدلاً منها المُثُل الهادئة المتواضعة المعترف بها اجتماعياً"، وأن من يؤمنون بهذا النمط التقليدي من التعليم يرون أنه "بدون هذه التربية والمساعي المدرسية يصبح (التلميذ) مثل البعض من المواطنين القانعين في الوقت الحاضر، أو الموظفين الطموحين: ضيقاً، مندفعاً، نكرة، أو حالماً، حسياً، عديم الفائدة، شيء ما فيه، شيء وحشي، غير منظم، متخلف، يجب أن يحطم، شعلة خطيرة يجب أن تطفأ، أن يداس عليها"، وأن وجهة النظر التقليدية تجاه الإنسان غير المندمج في نظام التعليم ذاك هي أن "الإنسان كما خلقته الطبيعة كائن غامض، خطير، لا يمكن التكهن به، إنه تيار مندفع من جبال غير معروفة، غابة قديمة غير منتظمة، لا طرق فيها ولا مسالك، ومثل هذه الغابة القديمة يجب أن يضاء وينظّف ويحدد بعنف. هكذا يجب على المدرسة أن تكسر شوكة الإنسان البدائي وتنتصر عليه وتحده بقوة، ومن مهماتها أن تصيره عضواً نافعاً في المجتمع وفق الأسس المتعارف عليها وأن توقظ فيه الصفات التي تتوج تربيتها التامة حينئذ بإكمال أخلاق الثكنة العسكرية الدقيقة".
إلا أن بول فرايري –مثلاً- رائد (التعليم الحواري)، والعدو العتيد للتعليم التقليدي (البنكي كما يسميه)؛ على النقيض من ذلك، يرى أن التعليم هو سبيل أو طريق إلى الثورة على القهر وصولاً إلى الحرية، وإلى تمكين المقهورين من مقدراتهم. وعلى الرغم من افتراض حسن النية لدى فرايري، إلا أننا لا يمكننا فصل نظريته للتعليم عن مفهوم (التحرُّر) لديه، بظلاله الأيديولوجية المعروفة، التي في النهاية تجعل التعليم –مثلما يفعل النظام التقليدي- عملية لجعل المتعلم "عضواً نافعاً في المجتمع وفق الأسس المتعارف عليها"، ولا يشفع لفرايري أن أسسه التي يدعو إليها لا تتفق مع أسس التقليديين.
إنَّ خطةً مثل هذه التي بيَّن لنا (هرمان هسه) أعلاه أنها غرض التعليم التقليدي، ستؤدي – كما أوضح هو- إلى صنع إنسان ميّت، إذ أن تفاصيل هذه الخطة كلها تذهب ضد الحياة. يقول (هسه) على لسان الناظر في رواية (تحت العجلة): "يا لروعة التغيير الذي طرأ على الصغير جيبنرات! لقد تخلى عن التسكّع، واللعب، وانقطع عن الضحك في الفصل، وتوقف عن ممارسة البستنة والركض وراء الأرانب وصيد الأسماك المزعج".

*يصعب التمرد على الرمز
مثلما هي الحال في الحياة؛ تمتلئ رواية (تحت العجلة) بالإشارات والأمثلة التي تشرح بشيء من الدقة مآلات الضغط على الموهوبين ليصيروا ما لا يرغبون فيه حقيقةً، بقدر تحقيق رغبة النظام الاجتماعي المتسلط، سواء في المنزل أو الشارع، إذ أن نظم التعليم لا تلقي بالاً لتميُّز هؤلاء الموهوبين بقدر ما تهتم بجعلهم (نموذجيين) في سلوكهم ومحشوين بالمعلومات التي ينفقون جهداً جباراً في حفظها واستظهارها دون تعمقهم فيها، وهذا ما عبّر عنه (هسه) ببصيرة نافذة على لسان المشاكس (هرمان هايلنر): "هنا نقرأ هوميروس كما لو كانت الأوديسا كتاباً لتعلُّم الطبخ، تتناول الحصة الواحدة بيتين شعريين فقط ثم يجتران ويعالجان حتى يصاب المرء بالقرف، وفي نهاية كل حصة يكرر كالعادة: ها أنتم ترون كيف عالج الشاعر هذين البيتين بحس رهيف".
إن دير (ماولبرون) في رواية (تحت العجلة) يشبه في بنيته النفسية -إن جاز لنا أن نسميها كذلك – فكرة التعليم في جوهرها، بغض النظر عن المكان والزمان، فتشابك العلاقة النفسية بين الطلاب والمعلمين والمكان الذي يجمعهم، بما يحمله من ثقل رمزي في نفوس من بداخله؛ يصنع حالة نفسية عامة وجوّاً يحتاج إلى شجاعة جبّارة للتمرد عليه كما فعل (هسه) شخصياً، و(هرمان هايلنر) في رواية (تحت العجلة)، وربما كما فعل (هانز جيبنرات) وإن بطريقة مختلفة تحتاج قدراً أقل من الشجاعة؛ يشبه فكرة التعليم في جوهرها من حيث إنّ التعليم كنظام لا يزال يحظى بثقل رمزي يجعل التمرد عليه ضرباً من المستحيل، إذ أن السلطات التي أشار إليها (هسه) من قبل، سواء توافر حسن النية أم لم يتوافر في ما تفعله؛ تستخدم التعليم بوصفه خطَّ التشكيل الأول للفرد ليكون متوافقاً مع المحيط بما يضمن سير الوتيرة الاجتماعية كما هي دون تغيّرات حادة، ففي النظام التعليمي – بغض النظر عن كونه نظاماً دينياً أو مدنياً أو أهلياً- يتم الاشتغال على محاولة إخضاع المختلفين، ولو ظاهرياً، لجعل الجميع متشابهين ويعتنقون ذات النظرة تجاه المسلمات الرئيسية.

*ليس ثمّة أخيار وأشرار
نعم، يراهن الجميع على التعليم كما أسلفنا؛ من يريدون إحداث تغيير أو ثورة في النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي، وكذلك من يريدون إبقاء الأمور على ما هي عليه قدر الإمكان. تُتَّهم نُظم التعليم التقليدية (دينية، رسمية تحت يد الدولة، أهلية) بأنها تعمل على إنتاج أفراد خاضعين لسلطة الدين والأسرة والمجتمع، وأنها تقتل الموهبة وتقف ضد الاختلاف والإبداع، إلا أن ممثلي نظام التعليم هذا لا يخفون أن غرض التعليم –في نظرهم- إضافة إلى معرفة القراءة والكتابة، هو خلق فرد صالح في المجتمع، معرّفين (الصلاح) بأنه الالتزام بنسق القيم والأخلاق السائد في المجتمع والعمل على ضمان استمراره وديمومته.
لكن أعداء التعليم التقليدي تواجههم عدة معضلات تشكل تحدياً في عالم تتحرك فيه المفاهيم بسرعة شديدة، إذ أنهم حتى الآن لا يستطيعون أن يبينوا بوضوح مفهومهم للعملية التعليمية (الصحيحة) وما ينبغي أن تؤدي إليه، خارج نطاق الأيديولوجيا، إذ في كثير من الأحيان يظهر وكأنهم فقط يحاولون فرض نسق قيم مختلف، ووضع المتعلمين تحت سيطرة سلطات أخرى غير تلك التي يحاربونها (الدين والأسرة والمجتمع)، وهو ما يجعل الصراع مشوشاً في كثير من تجليّاته وافتراضاته، إذ يبدو –مثلاً- أن كثيراً ممن اختاروا الخروج من نمط التعليم التقليدي (المتهم بقتل الموهبة) من الموهوبين، لم يؤدّ خروجهم هذا إلى تنمية مواهبهم هذه، بل في الغالب ذابوا وسط الناس العاديين بسهولة دون أن تُبرزهم مواهبهم ليصبحوا ذوي صيت معروف، تماماً مثلما حدث لـ(هرمان هايلنر) في رواية (تحت العجلة)، هذا مع الانتباه إلى أن إحصاء أسماء مثل أينشتاين، وفراداي، ومندل، وإديسون، وستيف جوبز... الخ، باعتبار أنهم أغلبية، ونماذج تدل على أنّ العباقرة والموهوبين ممن وجدوا صعوبة في تقبل نظم التعليم التقليدية، سينجحون على الفور حال تمكنوا في الخروج منها؛ هذا الإحصاء مضلل، أو على أقل تقدير يمكن وصفه بأنه غير دقيق، إذ لا نعرف نسبة هؤلاء إلى مجموع من كانت لديهم موهبة ما، وتركوا المدرسة، أو طردوا منها، فهؤلاء فقط من نجحوا ومن ثم صارت أخبارهم وقصصهم متاحة ومعروفة.
لذا فإن التعميم الذي يمثِّل، في كثير من الأحيان، ملح وبهارات حرب وجهات النظر في مسألة التعليم، هو تعميم مخل بكل تأكيد، إذ يفتقر إلى براهين يمكن الركون إليها، ويصبح الصراع – للأسف- في كثير من أطواره تمظهراً أو عَرَضَاً من أعراض الحروب الأيديولوجية، بين اليسار واليمين قديماً، ثم بين من ينشدون السيطرة داخل إطار النظام الواحد الآن.
لا يمكننا البت قطعياً بأن نظامَ تعليمٍ، سواء أكان تقليدياً أم لا، هو نظام غير صالح، مثلما لا يمكننا البت كذلك بأن نظاماً ما صالح، إذ يبدو أن مفهوم الصلاح هذا يتحرك مع حركة المجتمع في تطورها وفي صعودها وانتكاسها، لكن – مثلما بيّن (هرمان هسه) في وقته، وتبيِّن التجارب حتى الآن- ثمة أضرار تحدث، أحياناً يكون سببها فهم المعلم لعملية التعليم ولدوره، وهو فهم تلعب فيه القوانين الاجتماعية دوراً مقدراً إضافة إلى التركيبة النفسية للمعلم نفسه، لذا نجد معلماً – مثلما حدث معي- يعتبر أن توجيه سؤال إليه وهو لا يعرف الإجابة عليه، أمر يمثل إهانة له وتقليلاً من قدره، فيصب جام غضبه على التلميذ المتسائل، بينما قد نجد معلماً آخر قد يجتهد في الإجابة أو يجعل رد فعله أقل عنفاً.

*تحديات خصبة
على أهميّته، يظل التعليم حقلاً للصراع والتنظير ومحاولات التحسين المستمرة، إلا أن ثمة قلقاً دائماً تثيره حقيقة أن التوجيه يظل جزءاً من العملية التعليمية بكل ما يعنيه ذلك من تعدٍّ غير مباشر على اختيارات المتعلمين، وتحكُّم قد لا يكون حميداً في وجهاتهم، وما يمكن أن يجرّه ذلك من دمار نفسي على الكثيرين ممن لم يستطيعوا التوفيق بين ما يريدون وما يراد منهم.
وإلى حين الوصول إلى صيغة تجعل التعليم عملية مفيدة حقاً للمتعلم؛ لا تسجنه في تصورات مسبقة، ولا تحاول توجيهه نحو نموذج بعينه للعيش، ولا تحاول تحطيم روحه النزّاعة إلى الانطلاق، وتهذيب فروعه النامية في اتجاهات متعددة؛ إلى حين الوصول إلى ذلك، ثمة الكثير ممن سيتحطمون على صخور المستحيل، والقليل ممن سينجون، فنعرف عنهم، ونتتبع سيرة إفلاتهم مندهشين، وفي قرارة كل منّا توقٌ خافت إلى ذات المصير.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشر في العدد (101) لمجلة (فكر وفن) التي يصدرها (معهد جوته) – يوليو 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتبوع

11 الدافع الحارق الذي حمل «عامر العربي» على حزم حقيبته متعجلًا ذات أصيل في سنتنا الجامعية الثالثة، ليقرر العودة فجأة إلى قريته، كان هو نفسه ...